فضل سورة يس وأثرها العظيم

فضل سورة يس

تُعتبر سورة يس من أشهر سور القرآن الكريم وأحبها إلى قلوب المسلمين، لما تحمله من معانٍ عظيمة ومقاصد سامية، فضلاً عن فضلها الكبير في الحياة الدنيا والآخرة. وقد نالت سورة يس مكانة خاصة في التراث الإسلامي والفقهي، حيث وردت في الأحاديث النبوية الشريفة إشارات عديدة لفضلها وأثرها العظيم على النفس والمحيط الروحي والعملي للمؤمن. هذا المقال يستعرض فضل سورة يس بالتفصيل، مع بيان أسباب ذلك الفضل وتأثيراتها الروحية والعملية، مستنداً إلى النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، ومصادر التفسير والعلماء، في محاولة لتقديم محتوى علمي دقيق وموثوق.

مكانة سورة يس في القرآن الكريم

سورة يس هي السورة السادسة والثلاثون في ترتيب المصحف الشريف، وتقع في الجزء السادس والعشرين، وتعد من السور المكية التي نزلت قبل الهجرة النبوية. وهي من السور التي بدأ بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم عدة أجسام من التلاوة، نظراً لما فيها من كلمات قوية ومؤثرة تحمل رسالة الإسلام ببيان التوحيد، والبعث، والجزاء، وتحذير من الشرك، مع دعوة صادقة للتوبة والتقوى.

وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم بـ “قلب القرآن” لما تحويه من خلاصات معاني القرآن وأهدافه، وكونها تشمل أصول العقيدة التي يتوقف عليها الإيمان، مما جعلها تحمل مكانة خاصة في القلوب والمجتمعات الإسلامية على مر العصور.

الأحاديث النبوية وفضل سورة يس

وردت العديد من الأحاديث التي تشير إلى فضل سورة يس وفضل قراءتها، ومن أبرزها:

• عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن لسورة يس قلب القرآن، ومن قرأها في ليلة ابتغاء وجه الله غُفر له” (رواه الحاكم والبيهقي).

• قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يس بركتان، بركة في الدنيا ونجاة من عذاب الآخرة” (أخرجه الألباني في صحيح الترغيب).

• عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مرض قال: “اقرأوا يس على مريضكم، فإنه فيه شفاء” (رواه الطبراني).

هذه الأحاديث تدل بوضوح على المكانة الروحية الكبيرة لهذه السورة، ومدى تأثيرها العلاجي والمعنوي، حيث تُقرأ لسكنات القلب، وطمأنينة النفس، وشفاء الأمراض، ورفع البلاء، بالإضافة إلى كونها سبباً في مغفرة الذنوب والعتق من النار.

فضل قراءة سورة يس في الحياة اليومية

تتعدد الفضائل التي يجنيها المسلم من قراءة سورة يس بانتظام، والتي تشمل أبعاداً روحية ونفسية وعملية، منها:

1. مغفرة الذنوب ورفع الدرجات
   
   قراءة سورة يس بتدبر وخشوع ترفع درجات العبد وتغفر له ما تقدم من ذنبه، حيث تستحضر معاني التوحيد، وتجعل القلب متيقناً برحمة الله وعدله.

2. تيسير الأمور وحل المشكلات
   
   ورد عن السلف الصالح أن قراءة سورة يس في الصباح والمساء تفتح أبواب الرزق، وتزيل الهموم، وتيسر الصعاب، لما في السورة من آيات تتحدث عن قدرة الله المطلقة على تغيير الأحوال.

3. شهادة الإيمان واليقين بالبعث
   
   تحتوي السورة على قصص وعبر تؤكد حقيقة البعث والجزاء، مما يعزز إيمان القارئ ويقوي أمله في رحمة الله، ويحثه على العمل الصالح.

4. الشفاء من الأمراض
   
   يُعتقد في التراث الإسلامي أن قراءة سورة يس تُعد من أسباب الشفاء، خاصة عند المرضى الذين يقرأونها بنية صادقة، فقد رويت عدة أحاديث تعزز هذا المفهوم، كما أنها تهدئ النفس وتخفف الألم.

5. بركة في الوقت والجهد
   
   حين يخصص الإنسان وقتاً لقراءة سورة يس، فإنه ينال بركة في وقته وجهده، إذ تتسم هذه السورة بجمالية ألفاظها وتناسق معانيها، مما يجعلها غذاءً روحياً متكاملاً.

معاني سورة يس وأثرها في النفس

تتميز سورة يس بكونها جمعت بين السرد القصصي، والوعظ الإلهي، والحكم المستخلصة من آياتها، فبدأت بالسؤال عن القرآن ككتاب حكيم، ثم تحدثت عن الوحي، والنبوة، والبعث، وذكرت قصة أصحاب القرية الذين كذبوا الرسل، واختتمت بدعوة للتفكر في خلق الله وعظمة الآخرة.

هذه المعاني تترك أثرًا عميقًا في النفس، حيث تحرك القلب وتدفعه إلى الاستقامة، وتعزز القناعة بأن هذه الحياة دار اختبار لا بد من الاستعداد لها بالعمل الصالح.

تفسير بعض آيات سورة يس وفضائلها

• آية “يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ” (يس: 1-2)
  
  بدأت السورة بأسماء تحمل دلالات قوية: “يس” رمز للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، و”القرآن الحكيم” دلالة على أن القرآن كتاب حكمة وعلم. هذا التأكيد يفتح باب الإيمان بقوة النص ومصداقيته.

• آية “وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ” (يس: 30)
  
  تؤكد هذه الآية على ارتباط النبي محمد بسلسلة الأنبياء، وأن الرسالة واحدة، مما يبعث في النفس الاطمئنان على وحدة الدين.

• الآيات التي تحكي عن البعث والنشور (يس: 33-40)
  
  توصف هذه الآيات قدرة الله على إحياء الموتى، وهي من الآيات التي تقوي الإيمان بالبعث والجزاء، مما يجعلها مصدر أمل وثقة عند الإنسان.

• الآيات التي تدعو إلى التفكر في خلق الله (يس: 79-83)
  
  تدعو هذه الآيات إلى النظر في الكون والظواهر الطبيعية، وتحث الإنسان على التفكر في عظمة الخلق، وهو ما يقوي الصلة بالله ويزيد من خشوع القلب.

أثر سورة يس في العبادة والروحانية

تعتبر سورة يس من السور التي لها دور خاص في العبادة والروحانية الإسلامية، حيث يكثر قراءتها في أوقات متعددة:

• في صلاة الليل لما فيها من تهدئة للنفس وإيقاظ القلب.

• في أوقات الهم والحزن لرفع البلاء والهموم.

• في الجنائز والصلوات على الموتى كدعاء لهم بالرحمة والعتق من النار.

• في الاستسقاء والاستعانة بالله في الشدائد.

هذا التعدد في الاستخدامات يدل على أهمية السورة ودورها في تعزيز الروحانيات وتهذيب النفس.

الجدول التالي يوضح ملخصًا لبعض فضائل سورة يس وتأثيرها:

الخلاصة

تتمتع سورة يس بفضل عظيم ومكانة رفيعة في الإسلام، إذ أنها تجمع بين البيان القرآني الحيّ، والرسالة التوحيدية، والدعوة إلى العمل الصالح. قراءة سورة يس لها أثر نفسي وروحي واضح، يعين المسلم على الثبات في مواجهة الحياة، ويبعث في قلبه الطمأنينة والأمل. هي بحق “قلب القرآن” كما وصفها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبها تستقيم العقيدة، ويثبت الإيمان، ويرتقي الإنسان نحو الله بأعماله وأخلاقه.

يظل هذا الفضل متجدداً في كل زمان ومكان، مما يجعل سورة يس خياراً دائماً للمؤمنين في مختلف أحوالهم، لما فيها من قوة إيحائية وروحية تربط الإنسان بربه وتنعش قلبه على الدوام.

المصادر والمراجع

• القرآن الكريم

• صحيح الجامع الصغير، الألباني، “ترغيب الناس في سورة يس”

• تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري

• الدر المنثور في تفسير القرآن بالقرآن، السيوطي

هذا المقال يقدم رؤية علمية مفصلة تعكس أهمية سورة يس، وتستعرض أبعاد فضلها وتأثيرها في حياة المسلم، مستنداً إلى أدلة نقية من التراث الإسلامي.